روسيا إلى سورية.. أي دلالات؟
الخطوة العسكرية الجديدة التي اتخذتها روسيا في سوريا، تختلف نوعيا من ناحيتي المستوى والمغزى عن الدعم العسكري، الذي واظبت على تقديمه للحكومة السورية منذ اندلاع الصراع المسلح طوال الأربع سنوات الماضية. فهذه الخطوة تعدّت الدعم العسكري إلى مستوى المشاركة العسكرية أو الإعداد للانخراط في المشاركة العسكرية المباشرة وشبه المباشرة.
أما من الناحية السياسية فالمغزى الذي حملته هذه الخطوة هو الانتقال لتأدية دور قيادي عسكري وسياسي، ليس في مواجهة داعش، كما صُرِّح فحسب، وإنما أيضا في إعادة تشكل القوى الدولية التي أعلنت عن تشكل تحالف ضد الإرهاب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ودعيت روسيا للمشاركة فيه.
هذا التحالف أو الحلف دار حول نفسه ولم يحقق هدفه. ومن هنا يأتي الاختراق الروسي له لينتزع القيادة العسكرية والسياسية منه، فعلى الموقف الأوروبي الآن وخصوصا الفرنسي أن يُدخِل التعديلات على موقفه المطالب برحيل الأسد بما يقترب، بشكل أو بآخر، من الموقف الروسي. ولعل الأهم كان اللحاق الأمريكي من الناحية السياسية؛ إذ أعلن بأن الرحيل الفوري للأسد لم يعد المطلب الأمريكي، وإنما التدرج بذلك ومن خلال إقناع كل من روسيا وإيران في إيجاد الصيغة التي يشارك فيها الأسد، وكيفية الوصول إلى التسوية.
كان من المفترض في الأحوال العادية أن تُواجه الخطوة الروسية باعتراض أمريكي، وتحريضي ضدها. ولكن البيت الأبيض الذي أبدى مخاوفه من هذه الخطوة، عاد وقبِل بالمبادرة الروسية التي سارعت بدعوته إلى التفاوض بعد ذلك الدور الجديد لروسيا في سوريا، من أجل البحث في كيفية التنسيق لمحاربة داعش، وفي التسوية السياسية. وقد راح أوباما ليبتلع ذلك وفي حلقه غصّة.
طبعا ليس من السهل أن تبتلع أمريكا الدور الذي يخطط بوتين لتأديته، ليس في سوريا فحسب، وإنما أيضا، على مستوى أزمات أخرى. وقد استهله بالفعل في اقتراح مبادرة تتعلق باليمن.
من يدقق في السياسات الأمريكية التي تتعلق بالأزمات التي تعصف بعدد من البلدان العربية، يجدها مرتبكة فاقدة لزمام المبادرة. وقد اختلف المحللون الأكثر تعاطفا مع السياسات الأمريكية في وصفها ما بين الانكفائية أو التدخل الحذر أو الخجول، أو التدخل وعدم التدخل في آن. ولكنهم جميعا قلقون من ضعفها وتردّدها. وقد بدأوا يشعرون أن أمريكا خاسرة حتى في الاتفاق النووي الإيراني. ولم يعد أحد يتحدث عن صفقة مع إيران تشمل المنطقة؛ فالاتفاق لا يتعدّى حدود النووي. أما ما عدا ذلك فأبواب الصراعات على مصاريعها كما كانت قبل الاتفاق النووي مع إيران.
إن الدور الأمريكي الآن يتراجع ليلحق بالدور الروسي في سوريا، وربما في اليمن لاحقا، وفي غير اليمن؛لأن الاتجاه العام للتقدم والتراجع في أدوار الدول وإن سار بطريق متعرج، وإن اختلف من بلد إلى بلد، إلاّ أن المهم هو ملاحظة اتجاهه العام الذي سيحكم مساره في التقدم والتراجع في أغلب الجبهات.
ستكون مشكلة الدور الروسي في سوريا وعلى مستوى عام مع القوى الإقليمية والعربية والمحلية أكثر منها مع أمريكا وأوروبا، وذلك من دون التقليل من دور أمريكا وأوروبا في اللعب من خلال تناقضات القوى الإقليمية والعربية والمحلية؛ لأن دور هذه القوى في هذه المرحلة من موازين القوى العالمية والإقليمية والعربية هو الأقوى، بما في ذلك أقوى من الدور الروسي. وهو يبادر ويهاجم، الأمر الذي يجعل الغلبة في صراعات الدول الكبرى في ما بينها معتمدة على تحالفاتها الإقليمية والعربية والمحلية.
هذه المعادلة هي عكس المعادلة في ميزان القوى التي سادت بعد الحرب العالمية الأولى، وإلى حد أقل بعد الحرب العالمية الثانية حتى نهاية القرن العشرين. فقد كانت موازين القوى في ما بين الدول الكبرى هي التي تؤدي الدور الأول في الحسم أو مدى نفوذ كل منها. ولم تكن معتمدة على القوى الإقليمية والعربية والمحلية. بل كانت هذه الأخيرة هي المعتمدة على قوّة الدول الكبرى في تعزيز أدوارها.
ولهذا، فإن مستقبل الدور الروسي وما يتطلع إليه من طموح ومبادرات، وما ينتظره من صراعات مع أمريكا، يتوقف على تحالفاته الإقليمية والعربية والمحلية، ولا سيما علاقته بإيران وتركيا ومصر والسعودية، ومن ثم كيفية إدارته لما بينه وبين هذه القوى من تفاهمات أو تناقضات أو ما قد ينشأ من صراعات. طبعا من دون التقليل من أدوار الدول العربية الأخرى، لا سيما إذا قررت أن تخوض في الصراعات وتُعظِّم من أدوارها.
فالمرحلة الراهنة بموازين قواها وتناقضاتها وصراعاتها وارتباك الاستراتيجيات والسياسات تسمح حتى للضعفاء بأن يصبحوا أقوياء، وللدول الصغيرة بأن تُعظِّم من أدوارها. ولكنها تسمح، أيضا، بل تُغري بارتكاب أخطاء كبرى في تقدير الموقف ورسم الاستراتيجيات والسياسات. وعلى الجميع أن يتنبهوا وأن يَحسبوا جيدا؛ فالأرض تميد، والرمال متحركة، والأمواج عالية، والرياح عاصفة، فلا يأمننّ أحد من غد.
أما من الناحية السياسية فالمغزى الذي حملته هذه الخطوة هو الانتقال لتأدية دور قيادي عسكري وسياسي، ليس في مواجهة داعش، كما صُرِّح فحسب، وإنما أيضا في إعادة تشكل القوى الدولية التي أعلنت عن تشكل تحالف ضد الإرهاب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ودعيت روسيا للمشاركة فيه.
هذا التحالف أو الحلف دار حول نفسه ولم يحقق هدفه. ومن هنا يأتي الاختراق الروسي له لينتزع القيادة العسكرية والسياسية منه، فعلى الموقف الأوروبي الآن وخصوصا الفرنسي أن يُدخِل التعديلات على موقفه المطالب برحيل الأسد بما يقترب، بشكل أو بآخر، من الموقف الروسي. ولعل الأهم كان اللحاق الأمريكي من الناحية السياسية؛ إذ أعلن بأن الرحيل الفوري للأسد لم يعد المطلب الأمريكي، وإنما التدرج بذلك ومن خلال إقناع كل من روسيا وإيران في إيجاد الصيغة التي يشارك فيها الأسد، وكيفية الوصول إلى التسوية.
كان من المفترض في الأحوال العادية أن تُواجه الخطوة الروسية باعتراض أمريكي، وتحريضي ضدها. ولكن البيت الأبيض الذي أبدى مخاوفه من هذه الخطوة، عاد وقبِل بالمبادرة الروسية التي سارعت بدعوته إلى التفاوض بعد ذلك الدور الجديد لروسيا في سوريا، من أجل البحث في كيفية التنسيق لمحاربة داعش، وفي التسوية السياسية. وقد راح أوباما ليبتلع ذلك وفي حلقه غصّة.
طبعا ليس من السهل أن تبتلع أمريكا الدور الذي يخطط بوتين لتأديته، ليس في سوريا فحسب، وإنما أيضا، على مستوى أزمات أخرى. وقد استهله بالفعل في اقتراح مبادرة تتعلق باليمن.
من يدقق في السياسات الأمريكية التي تتعلق بالأزمات التي تعصف بعدد من البلدان العربية، يجدها مرتبكة فاقدة لزمام المبادرة. وقد اختلف المحللون الأكثر تعاطفا مع السياسات الأمريكية في وصفها ما بين الانكفائية أو التدخل الحذر أو الخجول، أو التدخل وعدم التدخل في آن. ولكنهم جميعا قلقون من ضعفها وتردّدها. وقد بدأوا يشعرون أن أمريكا خاسرة حتى في الاتفاق النووي الإيراني. ولم يعد أحد يتحدث عن صفقة مع إيران تشمل المنطقة؛ فالاتفاق لا يتعدّى حدود النووي. أما ما عدا ذلك فأبواب الصراعات على مصاريعها كما كانت قبل الاتفاق النووي مع إيران.
إن الدور الأمريكي الآن يتراجع ليلحق بالدور الروسي في سوريا، وربما في اليمن لاحقا، وفي غير اليمن؛لأن الاتجاه العام للتقدم والتراجع في أدوار الدول وإن سار بطريق متعرج، وإن اختلف من بلد إلى بلد، إلاّ أن المهم هو ملاحظة اتجاهه العام الذي سيحكم مساره في التقدم والتراجع في أغلب الجبهات.
ستكون مشكلة الدور الروسي في سوريا وعلى مستوى عام مع القوى الإقليمية والعربية والمحلية أكثر منها مع أمريكا وأوروبا، وذلك من دون التقليل من دور أمريكا وأوروبا في اللعب من خلال تناقضات القوى الإقليمية والعربية والمحلية؛ لأن دور هذه القوى في هذه المرحلة من موازين القوى العالمية والإقليمية والعربية هو الأقوى، بما في ذلك أقوى من الدور الروسي. وهو يبادر ويهاجم، الأمر الذي يجعل الغلبة في صراعات الدول الكبرى في ما بينها معتمدة على تحالفاتها الإقليمية والعربية والمحلية.
هذه المعادلة هي عكس المعادلة في ميزان القوى التي سادت بعد الحرب العالمية الأولى، وإلى حد أقل بعد الحرب العالمية الثانية حتى نهاية القرن العشرين. فقد كانت موازين القوى في ما بين الدول الكبرى هي التي تؤدي الدور الأول في الحسم أو مدى نفوذ كل منها. ولم تكن معتمدة على القوى الإقليمية والعربية والمحلية. بل كانت هذه الأخيرة هي المعتمدة على قوّة الدول الكبرى في تعزيز أدوارها.
ولهذا، فإن مستقبل الدور الروسي وما يتطلع إليه من طموح ومبادرات، وما ينتظره من صراعات مع أمريكا، يتوقف على تحالفاته الإقليمية والعربية والمحلية، ولا سيما علاقته بإيران وتركيا ومصر والسعودية، ومن ثم كيفية إدارته لما بينه وبين هذه القوى من تفاهمات أو تناقضات أو ما قد ينشأ من صراعات. طبعا من دون التقليل من أدوار الدول العربية الأخرى، لا سيما إذا قررت أن تخوض في الصراعات وتُعظِّم من أدوارها.
فالمرحلة الراهنة بموازين قواها وتناقضاتها وصراعاتها وارتباك الاستراتيجيات والسياسات تسمح حتى للضعفاء بأن يصبحوا أقوياء، وللدول الصغيرة بأن تُعظِّم من أدوارها. ولكنها تسمح، أيضا، بل تُغري بارتكاب أخطاء كبرى في تقدير الموقف ورسم الاستراتيجيات والسياسات. وعلى الجميع أن يتنبهوا وأن يَحسبوا جيدا؛ فالأرض تميد، والرمال متحركة، والأمواج عالية، والرياح عاصفة، فلا يأمننّ أحد من غد.
تعليقات
إرسال تعليق